الطلاق أبغض الحلال إلى الله، وهو ظاهرة اجتماعية سيئة برزت في مجتمعنا المعاصر ووورثت خللاً اجتماعاً خطيراً، لقد أصبح الطلاق معول هدم للأسر، وسبب رئيس لتفكك المجتمع وتمزقه ومن ثم ضعف أمنه وأمانه.
الاحصائيات والتقارير التي تتحدث عن معدلات الطلاق بين الأزواج في المملكة العربية السعودية والتي ارتفعت خلال الـعشرين سنة الماضية من عشرين في المائة إلى ستين في المائة ترفع من مستوى القلق الاجتماعي لما سيتمخض عن هذه النسبة من مشاكل اجتماعية وأمنية ينكوي بلظاها جميع أفراد المجتمع، لقد أصبح الطلاق شبح يهدد الكثير من الأسر المستقرة ويدخل الرعب إلى كثير من البيوت . ومن قراءة فاحصة لمشكلة الطلاق وخاصة في السنوات الأولى من الزواج، والبحث عن والعوامل التي ساهمت في بروزها يتبين أن غالبيتها جاء نتيجة لمجموعة من الأسباب التافهة ومنها عدم معرفة الزوج والزوجة بالحقوق والواجبات المترتبة على عقد الزواج والتعجل في التعاطي مع المشكلات التي تطرأ في بداية الحياة الزوجية، وعدم تأهيل الزوج والزوجة تأهيلا مركزا قبل الزواج ، ولخطورة مثل هذه المشكلة ومسؤولية المجتمع حيالها ومنعاً لتفاقمها جاءت مشاريع الزواج والتي تهدف إلى مساعدة المقبلين على الزواج مادياً، وتوعيتهم بالأسس والضوابط والمهارات التي تكفل لهم بتوفيق الله حياة سعيدة قائمة على الفهم المتبادل والمعرفة التامة بالحقوق والواجبات، من خلال برامج تدريبية وتوجيهية قبلية وبعدية ، هذه المشاريع المباركة والتي انتشرت في بلادنا بشكل يبشر بخير، وبمستقبل مشرق للأسرة السعودية .لقد ساهمت هذه المشاريع رغم ضعف امكاناتها بدور كبير في بناء أسر مستقرة، وتحقيق أمن اجتماعي نتيجة لتلك البرامج التدريبية المكثفة الموجهة للأزواج، والتي أصبح الشباب المقبلين على الزواج يتهافتون على الالتحاق بها والإفادة منها، لقد أثبتت هذه البرامج أثرها الفعال في بناء الأسر المستقر والتقليل من حالات الطلاق بل وزيادة حالات الزواج والمساهمة في القضاء على ظاهرة العنوسة، وهذا النجاح الواضح للعيان يستلزم من المجتمع عامة ورجال الأعمال خاصة بذل المزيد من الدعم المالي والمعنوي لهذه المشاريع والحرص على تأمين بقاءها واستمرار عطاءها من خلال دعم مالي مستمر أو أيقاف عقارات وأموال يعود ريعها لدعم مثل هذه المشاريع، كما أن على الجهات الحكومية ذات العلاقة رصد الأثار الايجابية لهذه المشاريع ودراسة امكانية أن يطبق قرار إلزامي على كل شابين مقبلين على الزواج مشابه لقرار الفحص الطبي، يتضمن احضار الزوجين قبل عقد القران بينهما ما يثبت حضورهما لعدد من الدورات التدريبية والمحاضرات التوجيهية من أحد مشاريع الزواج ، وأن يكون هذا الاثبات أحد مسوغات عقد القران وتصديقه من الجهات المختصة .