الجمعيات الخيرية ومواكبة المتغيرات

من أبرز ما تعاني منه الكثير من الجمعيات الخيرية عدم قدرتها على التغيير والتطوير ورسم ‏استراتيجيات واضحة تتواكب مع متغيرات الحياة، فمازالت هذه الجمعيات تسير على نمطية ثابتة ‏تقليدية جعل هذه الجمعيات عاجزة عن مواكبة المتغيرات المتسارعة في المجتمع ، ولكي تتمكن ‏هذه الجمعيات من تحقيق رسالتها فإنها مطالبة بدراسة تفصيلية للواقع الحالي والمستجدات ‏والمتغيرات والتحولات التي يشهدها المجتمع ومن ثم رسم سياسة ذات بعد استراتيجي يسهم بشكل ‏واقعي ملموس في حل مشاكل تلك الشريحة التي تستفيد من خدمات هذه الجمعيات، إن تقوقع ‏الجمعيات في دائرة المساعدات الإغاثية السريعة والتي تتمثل في تأمين المواد الغذائية والملابس ‏والحقائب .. الخ، وإن كان عملاً له صداه داخل هذه الأسر إلا أنه لا يسهم واقعاً في حل مشاكل ‏هذه الأسر ونقلها من دائرة الأخذ إلى دائرة الاستغناء وخاصة مع تزايد احتياجات هذه الأسر ‏وتوسعها، والمتتبع لواقع الأسر المسجلة بهذه الجمعيات يرى أن هناك ما هو أكثر أهمية من مجرد ‏تأمين الاحتياجات اليومية لهذه الأسر حيث أصبح السكن والعلاج يمثلان مصدر قلق كبير لهذه ‏الأسر لما يمثلانه من ضغط نفسي ومالي على رب الأسرة، وعليه فإن توجه الجمعيات الخيرية نحو ‏إعادة دراسة خريطة المساعدات وترتيب الأولويات أصبح مطلبا ملزما لهذه الجمعيات، فتأمين ‏السكن عبر مشاريع إسكان خيرية مدروسة بشكل يتلاءم مع احتياجات هذه الأسر وإمكانات ‏هذه الجمعيات ، وإنشاء المشاريع الطبية وخاصة لتلك الأمراض المستديمة والتي تثقل كاهل الفقراء ‏كوحدات غسيل الكلي ومراكز السكر وعيادات الأمراض المزمنة وتأمين الدواء وتسهيل وصول ‏الفقراء واستفادتهم من هذه الخدمات أصبح في هذا الوقت من أهم الأولويات التي يجب أن تسعى ‏إليها هذه الجمعيات ، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الأولويات تختلف من جمعية لأخرى حسب ‏الظروف الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية للمنطقة التي تمثلها هذه الجمعية، ويمكن في هذه ‏الحالة أن تتولى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تشجيع إنشاء مراكز دراسات خيرية تتولى القيام ‏بمثل هذه الدراسات بالتعاون مع الجمعيات الخيرية لتتمكن هذه الجمعيات من مواكبة متغيرات ‏المجتمع المتلاحقة وتحقيق أكبر خدمة للفئات المستفيدة من هذه الجمعيات.

اترك تعليقاً