الإدارة التقريعية

     نمط إداري تمارسه بعض القيادات الإدارية التقليدية، وتقوم فلسفة هذا النمط الإداري على تقريع ‏العاملين واتهامهم بالتقصير والتراخي في العمل وضعف الإنتاجية لكي يتكون لديهم دافع داخلي ‏بضرورة تغيير هذه الصورة الذهنية السلبية فينطلقون في العمل ويقتلون أنفسهم من أجل إثبات ‏أنهم فاعلين ومنتجين، وترى هذه القيادات أن هذا النمط من شأنه الحصول على إنتاجية أكبر ‏بتكاليف بشرية ومادية أقل، فيحاولون تقليص الهدر إلى أبعد مدى فيضغطون على العاملين ‏لتسريع وتيرة الإنجاز، ورغم خطأ هذه الفلسفة وفشلها إلا أن رجع الصدى المتمثل في الإنتاجية ‏العالية للعاملين ذات المنظور القريب توحي لهذه القيادات بنجاح هذه الفلسفة وما تنبه هؤلاء ‏القادة إلى أن هذا النجاح إنما هو نجاح مؤقت قائم على أساس هارٍ ما يلبث أن يكشف عن ما ‏يحمله من قنابل موقوتة لا يمكن التنبؤ بما ستحدثه من آثار سلبية  ترتبط بمستوى جودة ‏المخرجات، ومستوى الولاء الوظيفي، فبقاء العاملين تحت ضغط هذا النمط الإداري سيفقدهم ‏الرقابة الذاتية ويخفض من درجة رضاهم الوظيفي، ويجعل مستوى إنتاجيتهم مرتبطة بذات المدير ‏ورقابته، مما يؤدي إلى تبلد أذهانهم واستخفافهم بالعمل وتدافعهم المسؤولية، وشعورهم بالعجز ‏عن التفاعل الايجابي مع قياداتهم واتساع الفجوة بينهم وبين تلك القيادات التي ترى في تلك ‏الضغوط صلابة وعزيمة.‏

     هذا النوع من القيادات الإدارية لم تدرك بعد أن الإدارة علم وفن وأنها أكبر من كونها تسلط ‏وإرهاب وتقريع وأن القائد الناجح هم من يقود بسلوكه وعلمه وخبرته لا بمركزه وسلطته، كما لم ‏يدركوا أن القيادة تحتاج إلى مهارات خاصة لتفعيل الآخرين وتنمية ولاءهم وتقوية رقابتهم الذاتية ‏بطريقة تحفزهم لكي يتحولوا إلى طاقات منتجة.‏

وقفة:‏

‏” الجيد والسريع.. نادرا ما يلتقيان” جورج هربرت – شاعر إنجليزي

اترك تعليقاً