بين حالين

     عاش بداية حياته شاباً بلا هدف ، فراغ قاتل وهمّ دائم وقلب معرض عن الله، يحاول التظاهر ‏بأنه في الطريق الصحيح، تبنى قضية تافهة يرى أنها رسالة سامية، كانت قضيته التي اعتقد أنه ‏يحيا لأجلها بذل في سبيلها كل ما يملك وسار خلفها أينما كانت لا يعيقه عن ذلك بعد مسافة ‏أو قلة مال، عندما شع نور الإيمان في قلبه أفاق من غفلته ورأى النور الحقيقي وأدرك أنه كان ‏يعيش في ظلمة وأنه خسر الكثير ولم يظفر ولا بالقليل، أشفقت عليه وقد تفرغ للعمل الخيري ‏والسعي على الفقراء والأرامل والأيتام وسط تجمع سكاني في كبد الصحراء يسلك للوصول إليه ‏مئات الكيلو مترات ما بين طريق مسفلت إلى طريق  ترابي صعب المراس، مكث سنوات طويلة ‏مع فريق عمله يترددون على هذا التجمع السكاني الغارق في الجهل والأمية لينتقلوا به إلى مجتمع ‏واعي متعلم يدرك هدفه ورسالته في الحياة، حادثته عندما رأيته يتردد على المدن الرئيسية بشكل ‏متكرر باحثاً عن الدعم المالي والعيني لمشروعه أن يرفق بنفسه وألا يحملها فوق طاقتها فرد عليّ ‏بهمته العالية متعجبا من ذلك، فكيف يشفق على نفسه وهي تذهب وتجئ لله وفي الله، ألم تكن ‏هذه النفس هي ذاتها التي كانت تقطع الفيافي لاهثةً وراء قضيته التافهة فيما لا فائدة فيه إلا الهم ‏والنصب، فكيف وقد أصبح التعب والجهد والمشقة في ذات الله، لقد تحول هذا الشاب من ‏حال إلى حال واستثمر طاقته وإمكاناته النفسية والجسدية والروحية وحولها من طاقة سلبية إلى ‏طاقة ايجابية مؤثرة.‏ لقد سطر هذا الشاب رسالة إلى كل داعية مفادها أن هؤلاء الشباب التائهين الغارقين في الضياع ‏يحملون بين نفوساً جبارة وهمماً عالية وطاقات متفجرة وعقولا واعية وقلوبا مرهفة  فقط تنتظر ‏من يضيئها بنور الإيمان لتتحول إلى نفوس ايجابية فعالة تعي دورها ورسالتها وترى هدفها واضحا ‏فتنطلق بكل قوة وحماس لخدمة دينها ووطنها.

اترك تعليقاً