المؤسسات الخيرية وخدمة ما بعد البيع

     تعاني المؤسسات الخيرية في مجملها من ضعف مواردها المالية وتسعى بما تمتلكه من ‏إمكانات بشرية ومادية لعلاج هذه المشكلة التي تقف عقبة كؤود أمام مشاريع هذه ‏المؤسسات وبرامجها، ويعتقد بعض القائمين على هذه المؤسسات أن قلة الموارد المالية ‏لمؤسساتهم نابع من إعراض التجار والمتبرعين وضعف تفاعلهم مع البرامج الخيرية، ‏وغفل هؤلاء عن الدور السلبي الذي يسهمون به في ضعف الموارد المالية الناتج عن ‏ضعف قدراتهم الإدارية وجهلهم بالتقنيات الحديثة لتنمية الموارد المالية والتي من أهمها ‏تفعيل العلاقات الاجتماعية مع المتبرعين  والتواصل الدائم معهم وتقديم خدمات ما ‏بعد البيع لهم بشكل علمي مدروس يضمن استمرار تدفق تبرعاتهم لهذه المؤسسات ‏الخيرية ، فالتفاعل الايجابي مع المتبرع يمثل حقاً أدبياً لابد أن تلتزم به هذه المؤسسات ‏الخيرية، والكثير من القائمين على هذه المؤسسات يتواصلون مع المتبرعين وبشكل ‏مزعج في كثير من الأحيان في مواسم معينة ثم تغيب شمسهم عن المتبرع إلى حين عودة ‏هذه المواسم مرة أخرى، وبعضهم يعتمد في تواصله على آليات تقليدية يرى فيها المتبرع ‏نوعا من الإثقال أو قلة الاهتمام وذلك من خلال تزويد المتبرع بتقارير سنوية وفصلية ‏مالية أو إدارية عن المؤسسة الخيرية وبشكل يفتقد أبسط مبادئ الذوقيات، أو ‏التواصل معه بمستوى إداري لا يتلاءم مع مركزه الاجتماعي، ويكون تأثير هذه الآليات ‏في الغالب سلبياً حيث تشعر المتبرع بأنه خارج دائرة اهتمام المسؤولين عن هذه ‏المؤسسات الخيرية، والمتبرع وإن كان يحتاج إلى الاطلاع على التقارير الدورية إلا أنه ‏يرغب أن يتحقق ذلك بأسلوب يشعره بقيمته ويعلي من قدره ويُعظّم مشاركته، كما ‏أنه يحتاج إلى آليات جديدة في التواصل خارج هذه الآليات التقليدية فمشاركة المتبرع في ‏أفراحه وأتراحه وشعوره بالحضور الدائم للمؤسسات الخيرية وكونه في قائمة اهتماماتهم ‏يرسخ في ذهنيته جدية هذه المؤسسات وتميزها وجودة مخرجاتها مما ينمي لدية شعوراً ‏عالياً بالثقة في هذه المؤسسات والقائمين عليها تكون ثمرته مزيدا من الدعم والتواصل، ‏وبمعنى أخر فإن المتبرع ما هو إلا زبون متميز وبالتالي فإن توفير خدمة ما بعد البيع (‏التبرع) وبمستوى راقٍ يرسخ ثقة هذا المتبرع في المؤسسة الخيرية والقائمين عليها ويسهم ‏في بث سمعة حسنة لها مما يرسخ في أذهان الجميع صورة ذهنية ايجابية تدفع بالمزيد من ‏التبرعات والمتبرعين وذلك لأن خدمة ما بعد البيع أصبحت أحد أهم مقومات النجاح ‏لأي عمل وبالتالي لابد أن تكون أهم أولويات المؤسسات الخيرية لتضمن استمرارية ‏تدفق التبرعات وزيادة مواردها المالية.‏

اترك تعليقاً