كتاب: وثيقة وقف صقر بن قطامي بأشيقر سنة 942هـ-1536م، دراسة تحليلية

المقدمة:

     كتابة التاريخ وتفسير أحداثه يستند في مجمله على ما يصل إلى أيدي المؤرخين من وثائق تاريخية، و لذا “تحتل الوثيقة ([1]) التاريخية باعتبارها من مخلفات الماضي، وضعًا مركزيًا، بل استراتيجيًا في كتابة التاريخ” ([2])، فهي مصدر تاريخي أساسي للمعلومات التي ترتكز عليها الدراسات والبحوث العلمية المختلفة التي تسعى لقراءة التاريخ وتفسيره، فـ “التاريخ يصنع من وثائق، والوثائق هي الآثار التي خلفتها أفكار السلف وأفعالهم، وحيث لا وثائق فلا تاريخ”([3]) ، وبتحليل الوثائق التاريخية يمكن التعرف على الوقائع التاريخية التي تتضمنها هذه الوثائق، وذلك أن “التاريخ هو علم الوثائق يستقرئها المؤرخ ويحللها للتوصل إلى وقائع تشتمل عليها، ذلك أن الوقائع كائنة في (الوثائق)، وهي تفرض ذاتها بذاتها قبل كل تفسير، ومتى ضاعت الوثائق ضاع التاريخ، فالمعالجة التاريخية لا تقوم على التحليل فحسب، بل تجري بوجود الوثائق والسجلات”([4]).

     ووثائق الأوقاف القديمة هي جزء من هذه الوثائق التاريخية، بل تعتبر من الوثائق المهمة في دراسة نواحي مختلفة من الحضارة الإسلامية إذ نجد في أغلب الوثائق الوقفية اشارات مهمة ومفيدة في دراسة تاريخ الدول و البلدان، وتعتبر مصدرًا أساسيًا للمعلومات المتعلقة بتلك الأوقاف القديمة، سواء ما يتعلق بتوثيقها، أو بالواقفين وشروطهم، أو الأعيان الموقوفة، أو مصارف تلك الأوقاف، ويمكن من خلال الوثائق الوقفية التعرف على خصائص المجتمعات التي كتبت فيها من خلال لغة الوثائق، والأسماء الواردة فيها، وأسماء الأماكن، وطريقة الصياغة، والمقدمات، والخواتيم، وغير ذلك، إضافة ‏إلى المعلومات الأخرى التي قد توجد ضمن تلك الوثائق، مما يكوّن مؤشرًا له دلالته ‏العلمية والتاريخية والاجتماعية.

   وفي هذا الكتاب دراسة وتحليل لوثيقة وقفية يعود تاريخها إلى عام 942ه، وهي وثيقة وقف صقر بن قطامي -رحمه الله- في بلدة أُشَيْقِر، وقد قام الباحث أثناء دراسته وتحليله لهذه الوثيقة بالتالي:

  1. الرجوع لأصل الوثيقة[5]، وتفريغها، ومراجعتها للتأكد من مطابقة النص المفرغ مع النص الأصلي.
  2. مراجعة عدد من الكتب التي تناولت منهجية تحليل الوثائق التاريخية.
  3. الاطلاع على عدد من الدراسات التي اهتمت بتحليل الوثائق التاريخية.
  4. الاطلاع على عدد كبير من الكتب التي تحدثت عن تاريخ نجد قبل الدعوة الإصلاحية.
  5. الاطلاع على عدد من الكتب والدراسات التي تحدثت عن الأوقاف في نجد عامةً، وأُشَيْقِر بصفة خاصة.

     والتزم الباحث في تحليله لهذه الوثيقة، بالتالي:

  1. تفريغ نص الوثيقة كما جاءت في الأصل دون تغيير للرسم الإملائي، أو الخطأ اللغوي.
  2. تفريغ نص الوثيقة ملتزمًا بالشكل الخارجي للوثيقة الأصلية، فجعل لكل ورقة من أوراق الوثيقة الأصلية جدول مستقل تضمن رقم السطر، ومضمونه من بدايته في الوثيقة إلى نهايته كما في السطر المفرغ في الأصل.
  3. توضيح الكلمات التي خالف رسمُها الرسم الإملائي المتعارف عليه -حسب قواعد الإملاء- وتصحيحها.
  4. الإشارة إلى نسخة الوثيقة الأصل من السجل الأول بنسخة (أ)، والنسخة الأصل من السجل الثاني بنسخة (ب)، وستكون النسخة (أ) هي المعتمدة في الدراسة ([6]).
  5. الأجزاء المقتبسة من الوثيقة الواردة في ثنايا الدراسة، تم كتابتها كما جاءت في الوثيقة بعد تصحيحها إملائيًا.

[1] -‏”الوثائق: هي كل الأصول التي تحتوي على معلومات تاريخية”. انظر: حلاق، حسان (1986م)، مقدمة في مناهج البحث التاريخي، دار النهضة العربية، بيروت، ص73.‏

[2] – صهود، محمد (2016م)، مفهوم الوثيقة التاريخية بين المعرفة العالمة والمعرفة المدرسية، مجلة التدريس، كلية علوم التربية، العدد 8، ص 90، جامعة محمد الخامس، الرباط، المغرب.‏

[3] – شارل لانغلوا، وشارل وسنيوبوس، (1981م)، النقد التاريخي، ترجمة عبدالرحمن بدوي، وكالة المطبوعات، الكويت، الطبعة الرابعة، ص 5-6-7، نقلًا عن: صهود، محمد ‏‏(2016م)، مفهوم الوثيقة التاريخية بين المعرفة العالمة والمعرفة المدرسية، بتصرف.‏

[4] – حلاق، مقدمة في مناهج البحث التاريخي، مرجع سابق، ص 91.

[5] – أصل الوثيقة المشار إليه هنا والتي اعتمد عليه الباحث في دراسته، ليست هي الأصل الأول الذي كتب في حياة الواقف، بل هي نسخة منقولة في زمن متأخر، وهي النسخة الخامسة في ترتيب النقل الحادث للوثيقة.

[6] – نسخة (أ) مؤرخة بسنة 1304ه، ونسخة (ب) مؤرخة بسنة 1310ه، ولذا تم اعتماد النسخة (أ) في هذه الدراسة لأقدميتها في التاريخ.

رابط تحميل الكتاب:

https://mega.nz/file/mF9mVLAQ#Dqr540AXsoeUJusloLJ9wxvoob5Ndq0Tv4bm0qsPWD4

اترك تعليقاً