الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فإن العلماء هم ورثة الأنبياء، تضع الملائكة أجنحتها لهم رضاءً ومحبةً وتعظيمًا، ويستغفرُ لهم من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتانُ في الماء، وهم “قُرَّة عين الأولياء، رفعهم الله بالعلم، وزينهم بالحلم، بهم يعرف الحلال من الحرام، والحق من الباطل، والضار من النافع، والحسن من القبيح، هم أركان الشريعة وحماة العقيدة، يكفيهم شرفاً وفضلاً اقترانهم باسم المولى وملائكته في قوله: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، سورة آل عمران: الآية 18”1، قال الإمام أحمد: “هم خلفاء الرسول في أمته وورثة النبي في حكمته والمحيون لما مات من سنته، فبهم قام الكتاب وبه قاموا، وبهم نطق الكتاب، وبه نطقوا، قيضهم الله لحفظ الدين”، بعلمهم تستنير البلدان، وبفقههم يستضيء العباد، وجودهم خير عظيم، وفقدهم مصاب جسيم وثلمة في الدين لا تسد.
ومن نعم الله على أسرة آل إسماعيل بأشيقر أن جعلها من الأسر القليلة التي اهتم رجالها بالعلوم الشرعية تحصيلًا وتعليمًا، وكان لعلماء هذه الأسرة بصمات واضحة في تاريخ نجد العلمي بصفة عامة، وتاريخ الوشم العلمي بصفة خاصة، وورث علماء هذه الأسرة إرثًا علميًا كبيرًا على مدى عقود من الزمن، حُفِظ مبثوثًا في ثنايا الكتب الفقهية والتاريخية، ومن أشهر علماء هذه الأسرة الشيخ العلامة: محمد بن أحمد بن إسماعيل الذي أسس بيت العلم في هذه الأسرة، وذاع صيته وامتد أثره في نجد في القرنين العاشر، والحادي عشر الهجريين، وكانت له الرياسة في العلم حتى أصبح يعرف بعلامة نجد وشامتها البيضاء، فَشُدَّت إليه الرحال وكثر طلابه ومريديه، فَخَلّف من ميراث النبوة علمًا انتفعت به الأمة في أمور دينها ودنياها، وخَلَّد الله ذكره، وأدام علمه نورًا يهتدي به الناس في حياتهم2.
ووفاء لهذا العالم العابد، ورغبة في تخليد ذكره، ونشر علمه، وتقريبه لطلاب العلم، وليعرف المتأخر فضل المتقدم، ويعرف الأحفاد مآثر الأجداد، فقد استعنت بالله سبحانه وتعالى في تأليف هذا الكتاب عن حياة هذا العالم وآثاره العلمية والدعوية، فجمعت ما هو مبثوث ومفرق من علم هذا العالم من تحقيقات، ورسائل، وتقريرات، وفتاوى، ومسائل، مما يسر الله من كتب العلماء والمحققين والمؤرخين، لعل الله أن يقيض من طلبة العلم من يتولى هذا الإرث بالتحقيق والدراسة، والله المستعان وعليه التكلان والحمد لله رب العالمين.
رابط تحميل الكتاب:
https://mega.nz/file/HV0jUTZI#jDq2thpNKNGdAe4wjzOw3CYN09VTQILhA5bOXyLSI8c