في العيد ……. أيتام مع وقف التنفيذ

     هم أيتام وليسوا بأيتام بل إن معاناتهم أشد من معاناة اليتيم، فاليتيم وهو من توفي والده عرف ‏يتمه بين الناس، وجاءت الأحاديث النبوية في الحث على رعايته وكفالته، والمجتمع بطبيعته ‏يتعاطف معه، إنهم تلك الشريحة المنسية ممن أبناء السجناء ممن ابتلوا بغياب عائلهم خلف ‏قضبان السجن.‏

     هؤلاء قد يكونون في حالتهم هذه اشد من الأيتام ،لأن اليتيم معلوم عند الناس أن أباه قد مات ‏فيعطفون عليه ويصلونه وأما هؤلاء فقد تكون النظرة إليهم نظرة احتقار وازدراء ونظرة عتاب، ‏وهذا خطر عظيم، فإن الأولاد لا يتحملون أخطاء آبائهم ولا يجوز تحميلهم إياها ولا احتقارهم ‏وإنما الواجب النظر إليهم بعين الرحمة ومواساتهم وتصبيرهم على مصابهم وتشجيعهم للخروج من ‏محنتهم وتحذيرهم من العزلة ومحاولة خلطهم بالمجتمع الصالح الذي يستفيدون منه في دينهم ‏ودنياهم، وكذلك تفقدهم في المدارس ومتابعتهم حتى لا تزل بهم القدم والعياذ بالله فيما لا تحمد ‏عقباه .‏

     وإذا كان العيد عند عموم الأطفال يوم غير عادي فإنه عند هذه الشريحة يوم أقل من عادي ‏حيث يتجدد الحزن والألم والهم بذكرى السجن والسجين، أقبل العيد تاركا لهؤلاء أهات وزفرات ‏جسدتها دموعهم البريئة‎ ‎بأقسى معاني البعد والحرمان،‎ ‎أهات تنطلق من قلوب منكسرة فقدت ‏من يمسح بحنانهم على رؤوسهم‎ ‎الصغيرة آهات وآهات وآهات ولا يعرف قيمة هذه الآهات ‏إلاّ من عاشها وأدركها بحقيقتها وتجرع مرارتها.‏

     أتى العيد ليذرف هؤلاء دموع الحرمان بفقد الحنان، أتى العيد ليجدد معاناتهم ببعد مُعيلهم وقرة ‏أعينهم، جاء العيد، والفرحة لم تجئ! ‏

     معاناة هؤلاء لا يشعر بها إلا من شرب من كأسها، ومن تجرع مرارتها، إنهم أيتام مع وقف ‏التنفيذ.‏

‏  يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة ‏أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة،ومن ‏ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة)]. أخرجه مسلم.‏

اترك تعليقاً