دروس الحياة

 للحياة دروس وعبر، مدرسة نتعلم منها كل جديد، ونكتسب من خلالها الدروس و التجارب ‏والخبرات، فمن دروسها أن الانسان يعيش في مجتمع كبير يتعاون ويتكامل مع بعضه البعض ‏ليحيا الجميع في مودة وهناء ومحبة وتسامح، والانسان جُزءٌ من كُلٍ في هذا المجتمع ، يتعلم ‏بعضهم من بعض وتنتقل بينهم الخبرات والتجارب، وحاجة بعضم إلى بعض قائم فلا يمكن أن ‏يحيا الانسان منفصلا عن مجتمعه، وأن يغرد خارج سربه.

      ومن دروس هذه الحياة أن الانسان ‏لن يسع الناس بماله ولكن يسعهم بخلقه، وأن حسن الخلق بابٌ عظيمٌ جداً من أبواب الخير ‏لا يكلف شيئاً ومنه بذل الندى وكف الأذى، و احتمال الأذى، وطلاقة الوجه، وأن أرأف ‏بالناس، وأحسن إليهم، وأن الابتسامة والهدية مفتاحين هامين للقلوب.

    ومن دروسها ان يحيا ‏الإنسان بالأمل وان يعيش بالتفاؤل وان ينظر إلى الوجه المشرق من الحياة، إيماناً بأن ما أصابه لم ‏يكن ليخطئه، وأن ما أخطئه لم يكن ليصيبه، وان يرضى بما كتب الله  له وعليه من مقادير، ‏وأن يعرف أن ما اختاره الله له وهو كارهٌ له هو خير، وان ما صرفه الله عنه وهو محب له هو شر لا ‏محالة ولكنه بقصوره وعجزه لم يدرك هذا الخير ولا ذاك الشر بعد، وأن الزمن كفيل بفتح صفحة ‏الخير أو الشر التي خفيت عليه فيما قدّر الله له او عليه.

    ومن دروسها ان الأيام والشهور ‏والسنين ما هي إلا جسر نعبر منه للآخرة، وانها وإن طالت لا محال منتهية، وأن كل يوم ينتهي ‏من عمر الإنسان يقربه إلى الآخرة، وأن هذا الماضي الذي سوف يطوي صفحاته سيكون ‏مستقبلاً له يوم تنشر صحائفه، ومن دروسها، أن العمل رسالة، وكفاية، وغنى، وهو مصدر ‏للطاقة يستمد منه الإنسان النشاط والحيوية، ويعز نفسه ويجنبها ذل الحاجة والسؤال.

   ومن ‏دروسها أن الجزاء من جنس العمل، وأن يسعى الإنسان إلى نفع الناس دون أن ينتظر منهم ‏جزاء أو شكورا، وأن من نَفَّسَ عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب ‏يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في ‏الدنيا والآخرة… وأن (الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه) (ومن كان في حاجة ‏أخيه كان الله في حاجته).

     ومن دروسها أن يسعى الإنسان إلى إحداث التوازن بين الحب ‏والبغض (أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما. وأبغض بغيضك هوناً ما، ‏عسى أن يكون حبيبك يوماً ما).

    ومن دروسها أن حرية الإنسان تكمن بين المثير والاستجابة ‏وأنه كلما ضاقت المسافة بينهما فقد الإنسان قدرته على التحكم في ذاته وأسلمها للأخرين ‏يتلاعبون بها كيفما شاوء، وكلما زادت المسافة بينهم زادت قدرت الإنسان عل التحكم في ذاته ‏والسيطرة عليها وتوجيهيها كما يريد هو لا كما يريد الأخرون.

     ومن دروسها أن يسعى الإنسان ‏لكون فاعلاً في مجتمعه مباركاً أينما كان وأن يكون رجلاً إذا أتوا بعده قالوا مر …. وهذا الأثر، ‏وأن يترك له بصمةً نقيةً واضحةً على صفحات هذه الحياة الفانية، وأن يكون من صنّاع الحياة، ‏وأن يكون يومه خيرٌ من أمسه، وغده خيرٌ من يومه، وأن يتذكر أنه إذ لم يزد شيئاً في هذه الدنيا ‏فهو زائد عليها، وأن له كإنسان وجود وأثر، ووجوده لن يغني عن أثره، ولكن أثره يدل على قيمة ‏وجوده، ومن دروسها ألا يقلق الإنسان على رزقه، والا يحمله استبطاء الرزق على طلبه بالحرام ، وأن يعلم أن الحرص لا يزيد في الرزق بل يشقي صاحبه ويتعبه، وأن الله سبحانه وتعالى قد ‏قسّم الأرزاق في الأزل وقدرها وكتبها وأخبر أنه لن تموت نفس حتى تسوفي رزقها.‏

اترك تعليقاً