تحقيقا لمبدأ التكافل الاجتماعي الذي حث عليه الإسلام ورغب فيه ورتب عليه الكثير من الأجر، تبرز أهمية وجود الجمعيات والمؤسسات الخيرية والتي أصبح وجودها في المجتمع مطلب شرعي وضرورة اجتماعية وخاصة مع تعقد الحياة اجتماعية واتساع دائرة الفقر، والحاجة إلى وجود مؤسسات خدمية تعمل كهمزة وصل بين الأغنياء والفقراء وتساهم في دعم جهود الدولة لمواجهة الفقر والتخفيف من آثاره.
ولكي تحقق هذه الجمعيات والمؤسسات الخيرية الدور المنتظر منها يجب أن يكون وجودها داخل المجتمع يتوازى مع عدد السكان ونموهم المطرد، وارتفاع نسبة المحتاجين لخدمات هذه الجمعيات، كما لابد أن يكون انتشارها يغطي جميع المجالات التي تحتاج إلى مثل هذه الجمعيات فلا تقتصر على مجالات معينة على حساب مجالات أخرى قد لا تقل أهمية عن غيرها من المجالات، كما يجب أن يقوم المجتمع بجميع فئاته أفراداً ومؤسسات بدور كبير في دعم جهود هذه الجمعيات والمؤسسات الخيرية سعياً لضمان استمرارها وتحقيق أهدافها.
إن إنشاء هذه الجمعيات والمؤسسات الخيرية وتحميلها المسؤولية الكاملة عما يعانيه المجتمع من فقر وأمراض وتفكك وعنف دون الوقوف معها ودعم جهودها ليعتبر جناية على هذه الجمعيات والتي يعتمد وجودها ونجاحها بعد توفيق الله سبحانه وتعالى على دعم المجتمع لها ووقوفه معها والأخذ بيدها لتحقيق الأهداف التي وجدت من أجلها. وعليه فإن القائمين على هذه الجمعيات والمؤسسات الخيرية ينتظرون من المجتمع ومؤسساته الوقوف مع هذه الجمعيات ومساندتها ودعم مسيرتها والتعريف بها وبأهدافها ، عبر جميع الوسائل المتاحة كالمؤسسات الإعلامية والتعليمية والثقافية والاجتماعية ، كما ينتظرون من أفراد المجتمع كرجال الأعمال والفكر والإعلام الإسهام في دعم جهود هذه الجمعيات من خلال الدعم المالي والمادي والمعنوي ، والمشاركة في جهود هذه الجمعيات عبر برامج التطوع ، والمساعدة في تلمس احتياجات المجتمع وخاصة من الأفراد الأكثر التصاقاً بالمجتمع كأئمة المساجد وطلبة العلم والمعلمين والمرشدين الطلابيين والصحفيين . إن مثل هذه المشاركة والدعم من شأنه بإذن الله أن يسهم في تحقيق أهداف هذه الجمعيات والمؤسسات الخيرية بل وتطوير أداءها وتحسين مخرجاتها ودعم مسيرتها، كما أن من شأنه أن يجعل المجتمع لحمة واحدة يصدق عليهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).