تغريدات وخواطر حول الشركات الوقفية

بسم الله الرحمن الرحيم
تغريدات وخواطر حول الشركات الوقفية
‏1.‏في سنوات مضت حدث أن توجه الكثير من أهل الخير إلى وقف جزء من ثرواتهم على أعمال البر والخير ‏وتسابقوا في ذلك مستشعرين فضل هذه الأوقاف وكونها صدقات جارية لهم في حياتهم وبعد مماتهم فتكاثرت ‏الأوقاف وانتشرت المؤسسات المانحة وعم خيرها الكثير من مدن وقرى هذه البلاد المباركة
‏2.‏‏(بعض نظار) هذه الأوقاف وللأسف الشديد وبجهل وقلة ادراك للمسؤولية الملقاة على عواتقهم والمتمثلة في ‏حفظ أعيان هذه الأوقاف ورعايتها واستثمارها وصرف ريعها للموقف عليهم حسب شروط الواقفين حرفوا ‏بوصلة هذه الأوقاف لتتجه نحو مسار فرعي خارج مسارها الرئيسي.‏
‏3.‏تمثل هذا المسار الفرعي في تعظيم شأن الاستثمار وتنمية أصول الوقف على حساب حماية أصول الوقف ‏وصرف الريع للموقوف عليهم فبرزت ظاهرة التنافس في تعظيم الأرباح والتفاخر بذلك والسعي إليهم وفق ‏قاعدة: الغاية تبرر الوسيلة.‏
‏4.‏المقصود بالقاعدة أن تعظيم الأرباح كغاية يمكن أن يُوصَل اليه عبر تجاوزات نظامية وشرعية يُخْرجُها هؤلاء ‏النظار من باب المصلحة ‏
‏5.‏نتج عن ذلك الحديث عما يسمى بالشركات الوقفية وأهميتها وضرورتها لتنمية أصول الأوقاف وتنمية أرباحها ‏وتداول بعض النظار التوصيات فيما بينهم بالسعي لتأسيس هذه الشركات وتفعيلها لتحقيق أعلى قدر ممكن ‏من الأرباح للأوقاف.‏
‏6.‏هذه الهرولة السريعة والجادة من بعض النظار لتأسيس الشركات الوقفية للأسف انطلقت دون غطاء شرعي ونظامي لهذه الشركات نظرًا لعدم وجود نظام لهذه الشركات يمكن الاستناد اليه في تأسيسها حماية للوقف ‏ومستقبله
‏7.‏من أجل تحقيق هذه الغاية قام بعض النظار باجتهادات شخصية فيها تجاوزات نظامية وشرعية لصياغة آليات ‏يمكن من خلالها تأسيس هذه الشركات وممارستها لأنشطتها التجارية دون رقابة القضاء على عمليات البيع ‏والشراء فيها.‏
‏8.‏ومن أجل تحقيق هذه الغاية قام هؤلاء النظار بإصدار صكوك وقفية تضمنت عبثًا واستخفافًا بشعيرة الوقف ‏وإساءة واضحة لنظامه وتشريعاته فشاع بينهم اصدار صكوك وقفية تجاوزت صفحات بعضها العشر صفحات ‏متضمنة ضوابط وشروط كبيرة ومعقدة رغم أن الأصول الموقوفة مبالغ رمزية أو أسهم محددة لا تتجاوز قيمها ‏مئات الريالات كل ذلك لأجل استخدامها للحصول على سجلات تجارية يمكن من خلالها اشهار شركاتهم ‏المزعومة ‏
‏9.‏ومن أجل تعظيم أرباح هذه الشركات الوقفية سعى هؤلاء النظار الى الحصول على تمويلات مالية بنكية كبيرة طويلة ‏الأجل دون النظر الى مآلات هذه التمويلات المستقبلية على الأوقاف والمخاطر المحتملة التي قد تلحق الضرر ‏بالأوقاف مستقبلا
‏10.‏مع الأزمة المالية الحالية اكتشف عدد من هؤلاء النظار خطأهم في التعجل والهرولة نحو الحصول على ‏التمويلات البنكية بعدما وقفوا عاجزين عن سداد التزاماتهم المالية للبنوك نتيجة انخفاض التدفقات النقدية التي ‏عانت منه هذه الأوقاف
‏11.‏للأسف هذه الشريحة من النظار بنظرتهم القاصرة وجهلهم الشرعي واعتدادهم بآرائهم اصبحوا يجاهرون بأن ‏توجههم نحو تأسيس الشركات الوقفية ما هو إلا هروب من القيود الشرعية التي يرون حسب اجتهادهم المزعوم ‏أنها تعطل حركة الأوقاف نحو تعظيم الرباح وزيادة أصول الأوقاف ‏
‏12.‏ الاستثمارات المالية التي هرول إليها هؤلاء النظار من خلال التمويلات البنكية حرص النظار على عدم توثيقها ‏شرعا ليتسنى لهم المرونة في التصرف فيها بالبيع والشراء والرهن مما يعتبر مهددات خطيرة على الأوقاف تخالف ‏شروط الواقفين مع ما في ذلك من مخالفة للأحكام الشرعية السائدة في البلد والأنظمة المرعية في مجال الأوقاف
‏13.‏ الشركات الوقفية وإن كانت مطلبًا ملحًا في هذا الوقت إلا أن القفز على الأنظمة وتجاوزها بحجة مصلحة ‏الأوقاف ماهي الا مغامرات طائشة وتصرفات غير مسؤولة لا يعذر النظار بجهلهم (إن كانوا جهلة في ذلك).‏


كتبه
إبراهيم بن محمد السماعيل
‏17/1/1441ه

اترك تعليقاً