المستقبل

     المستقبل الكلمة الأكثر تداولاً بين الناس، تبرز أهميتها من ترتيبها في أولويات الكثير منهم فهي ‏الشغل الشاغل للكثير، من أجلها بذلت المهج، وصرفت الأموال، واستنفرت الجهود، وأفنيت ‏الأعمار، الكل يلهث راكضاً مع إشراقة كل صباح ليلحق بالمستقبل فيظفر به، من أجل ‏المستقبل يغدو الناس كل صباح فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ، الكل يريد رسم المستقبل ‏وتأمينه، فما هو مفهوم المستقبل وأين هو ، أين يقع ، ما هي حدوده، ما لونه وما طعمه، ‏وأين طريقه، وكيف الوصول إليه، ومتى يتم الوصول إليه، أسئلة كثيرة متلاحقة حول ذلك ‏المجهول المتجدد المسمى بالمستقبل، الذي يتراءى لنا كالسراب ما أن نصل إليه إلا ونراه أمامنا ‏نقطة بعيدة كلما تقدمنا إليها متراً تباعدت عنا ميلاً، وعندما نصل إلى هذه النقطة إذا بنقطة ‏مستقبل أخرى بعيدة تختال أمامنا بكل تحدىٍ وغرور وتتربص بنا لتستهلك من عمرنا ومن مالنا ‏ومن جهدنا ماشاء الله أن تستهلك، سباق محموم في مضمار الحاضر لنصل إلى المستقبل وكلما ‏قربت النهاية امتد المضمار وزادت مسافته وهكذا دواليك ركضاً يتلوه ركضا وجهداً يتلوه جهدا، ‏إنه المستقبل ذلك المجهول الذي بدايته الحاضر وليس له نهاية إلا أن يعترضه الموت فيطوي ‏صفحته، رأينا أنه في الشهادة فجاءت الشهادة فإذا السباق مازال جارياً نحو الوظيفة، فجاءت ‏الوظيفة فإذا السباق يزداد قوة نحو الزواج وهكذا كلما ظفرنا بما نعتقد أنه المستقبل إذا بنا ‏نكتشف أننا نعيش الحاضر وأن المستقبل أصبح أبعد مما كنا نظن، إنها دوامة الحياة التي لا ‏تنتهي، والتي تتعاظم مع الإنسان فيكبر ويهرم ويبقى لاهثاً خلف مستقبلٍ يزداد قوةً وربما لا ‏تشرق شمسه ولا يرى نوره.‏

اترك تعليقاً