التقاعد والحياة الجديدة
مع نهاية هذا الشهر بدأ مشواري مع التقاعد، بدأت حياة جديدة، حياة طالما انتظرتها لدرجة أنها ساهمت في تسريع عملية التقاعد بالنسبة لي لأطوي صفحة ربع قرن من العمل بتقاعد مبكر.
اليوم خرجت من ضيق الوظيفة إلى سعة الحرية ، اليوم تحررت من قيود الوظيفة ، تحررت من سجل الحضور والانصراف ، تحررت من ذلك الخروج الصباحي الإجباري المتكرر ، تحررت من ذلك الزحام الرهيب الذي أكل من صحتي وعافيتي ، تحررت من تلك القيود الوظيفية التي أسرتني خمساً وعشرين عاماً ، اليوم تحررت من تلك الإجازة الإجبارية التي لا أستطيع أن أتمتع بها في غير موعدها المحدد الإلزامي ، اليوم تحررت من تلك البيروقراطية المقيتة التي ساهمت في قولبتي في روتين يومي متكرر يسمى وظيفة ، اليوم تحررت من تلك الوصاية المتسلطة على قراراتي وآرائي.
اليوم أنا املك حريتي الكاملة ، نعم حريتي الكاملة ، منذ هذا اليوم سأكون مُلكاً لنفسي ، سأنام متى ما أردت واستيقظ متى ما أردت ، سأسافر كيفما بدالي وفي أي وقت أختاره وإلى أي مكان أريده ، اليوم إجازتي بيدي لا بيد غيري ، اليوم ٍاختار زملائي الجدد بحريتي ورغبتي من دون أن تفرضهم الوظيفة عليّ ، اليوم سأعمل وسأبدع وأطلق لخيالي العنان في عمل كل ما أود عمله بعيداً عن تعقيدات البيروقراطية ، اليوم سأتخذ قراري بنفسي بدون وصاية من أحد ، اليوم سأختار العمل الذي أريد ، منذ اليوم لن أوجه إعاقات فكرية تحد من إبداعي ، سأكون مديراً لنفسي ، وسأمنحها جميع الصلاحيات التي من شأنها أن تدفعها للإبداع والتميز .
منذ اليوم، سأتعلم مهارات جديدة، واكتسب خبرات جديدة، وسيزداد عطائي ويتضاعف إنتاجي، وسأكون أكثر طموحاً ، وسأتمكن من استثمار وقتي بالطريقة التي أريدها وارسمها لنفسي، سأنظر للحياة بمنظارٍ أكثر ايجابية، وسأصنع النجاح، سأرتقي القمم ولن أبقي بين الحفر.
منذ اليوم سأحيا قائماً ………… ولن أموت قاعدا.