ثقافة العيب ثقافة متأصلة بين أفراد المجتمع وخاصة الشباب، ساهم المجتمع أفراداً ومؤسسات في نموها وانتشارها وتبني الشباب لها من خلال مجموعة من المؤثرات المباشرة وغير المباشرة ليقع شبابنا في حبائل البطالة، وهي عبارة عن نظرة دونية تجاه بعض المهن والوظائف وخاصة الحرفية منها ، لمجرد أنها غير مقبولة اجتماعيا، لقد عشعشت هذه الثقافة في عقول الكثير من الشباب الذين يطمحون في وظائف تتناسب مع واقعهم الاجتماعي وقناعاتهم الشخصية، الشباب الحالم بوظيفة تتناسب مع ما يعتقد أنه وضعا اجتماعيا مقبولا بالنسبة له، الشباب الحالم بفرصة ذهبية خيالية قائمة على أسس واهية تدق عليه باب غرفته لتنقله لمستقبل أفضل، لقد ساهمت ثقافة العيب في الوقوف حائلا بين الشباب وطموحاته وأحلامه، كما ساهمت في ارتفاع نسبة البطالة في المجتمع إلى مستوى لم يعد مقبولا، بل وينذر بأخطار أمنية واجتماعية ونفسية واقتصادية ستواجه المجتمع وتكون ضريبة لهذا الواقع المؤسف.
لن تحل هذه المشكلة عبر توجيه الانتقاد لهذه الثقافة، وإلقاء اللوم على الشباب، بل يجب على جميع مؤسسات الدولة بجميع مجالاتها المساهمة في محاصرة هذه الثقافة والتضييق عليها والسعي لتغييرها عبر منظومة من البرامج والمشاريع العملية التي يمكن من خلالها تغيير النظرة السلبية لدى الشباب والمجتمع للوظائف والمهن الخدمية وتحويل هذه النظرة السلبية إلى نظرة ايجابية يفتخر الشاب المنتمي إليها بكونه عنصر مؤثرا في المجتمع وليس عبئاً عليه، ويقع العبء الأكبر في ذلك على المؤسسات الحكومية المعنية بالموارد البشرية والتي ينتظر منها أن تلعب دوراً في تهيئة الشباب نفسياً ومهنياً ودفعهم لسوق العمل لينهضوا بأنفسهم من الفقر ويتحولوا إلى قوة تغيير إيجابية في مجتمعاتهم، كما أن على هذه المؤسسات سن الأنظمة التي من شأنها حماية هؤلاء الشباب من انتهاك حقوقهم من قبل أرباب العمل سواء في المؤسسات أو الشركات والذين وللأسف ساهموا عبر أنانيتهم المفرطة وحماية مصالحهم الشخصية في تنفير هؤلاء الشباب من هذه الأعمال بسبب بخس حقوقهم وحرمانهم مما كفل لهم النظام كحرمانهم من التأمين الاجتماعي أو الصحي أو تشغيلهم سخرة لساعات طويلة تتنافى مع أبسط مبادئ الحقوق الإنسانية.