صفاء المياه الراكدة يغريك بنظافتها وخلوها من الشوائب، وهو صفاء خداع يوحي إلى الناظر إليها بسلامتها ونقاءها، وعندما يتم تحريك هذه المياه ينجلي واقعها الحقيقي عن مياه ملوثة، وفي حياتنا اليومية نعاني كثيرا من صفاء المياه الراكدة ورضى الناس بذلك، مع رفض الكثير لفكرة التحريك فليس في الإمكان أحسن مما كان، ونحن أحسن من غيرنا.. الخ، والتحريك يعني لدى المقاومين له خلط الحابل بالنابل، ولدى المطالبين به التجديد والتطوير.
كثيراً ما يعاني دعاة التطوير والتغيير من جيل المقاومة، جيل الرفض والامتناع، فالنفوس الضعيفة دائماً خائفة متشككة ترضى بالدون خوفاً من العواقب، تحريك المياه الراكدة يعني الانعتاق من ثقافة التخلف والانهزام إلى ثقافة التميز والإبداع.
لابد من تحريك المياه الراكدة قبل أن تتحول إلى مستنقعات آسنة تتحرك فيها كل أنواع الجراثيم، التغيير سنة من سنن الحياة لا تستقيم إلا بها، وهو يؤدي بالتالي كما أثبت العلم الحديث إلى تجديد الطاقات المنتجة عملياً، ويوفر في الوقت نفسه الفرص أمام تدفق الأفكار الخلاقة التي تشكل في مجموعها بوابة التغيير والتي تعتبر اليوم سراً من أسرار التفوق في المجتمعات، التغيير يقود المجتمعات إلى النمو والتطور، ويقضي على الرتابة والملل.
إن علينا أن نعجل في تحريك المياه الراكدة والتخلص من الرياح المتعفنة فيها وفتح المنافذ عليها لدخول الماء الجديد والهواء النقي، علينا أن نسعى إلى التغيير الإيجابي المنضبط بضوابط الشرع الجامع بين الأصالة والمعاصرة.