الأيتام شريحة خاصة في مجتمعنا المسلم، عنيت الأمة بهم انطلاقاً من حرص أفراد المجتمع على تحصيل الأجر من الله، وتأمين حياة سعيدة لهؤلاء الأطفال الذين قدر الله عليهم أن يفقدوا آباءهم وهم في سن الطفولة، ومما لا شك فيه أن فقد الطفل لوالده له آثار سلبية على الطفل، ذكراً كان أو أنثى، سواء في الجانب النفسي أو الاجتماعي، ولذا فقد جاءت الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم بالوصاية بالأيتام والتأكيد على ذلك، وحث المجتمع بكامل شرائحه وفئاته على الالتفات إليهم، والوقوف معهم في المرحلة الحرجة من حياتهم وهي حياة اليتم، كل ذلك عناية من الإسلام بتوفير حياة سعيدة لهذه الشريحة الضعيفة، تشعرهم بحنان المجتمع وتعاطفه معهم، وتخفف عنهم ألم فقد الوالد في مرحلة الطفولة، هذه الأحاديث النبوية أوجدت تعاطفاً غير محدود مع هذه الفئة، وأصبح الناس يتسابقون في تحقيق مكاسب أخروية، من خلال عنايتهم ورعايتهم لهذه الشريحة، في صورة من صور التكافل الاجتماعي التي لا تتحقق في غير مجتمعات المسلمين.
والمتتبع لواقع الأيتام وعلاقة المجتمع بهم وحرصه عليهم، يلحظ أن هذا الحرص والتسابق على الظفر برعايتهم، قد يؤدي في بعض الأحوال إلى تحقيق نتائج سلبية تتصادم مع إنسانية هذه الشريحة وتؤثر على كرامتها، فالمجتمع مطالب لكي يحافظ على كرامة أفراد هذه الشريحة، أن لا يشعر الأيتام بأنهم عالة على الآخرين، وأنه متكرم عليهم بالمساعدة، وأن يحفظ لهم إنسانيتهم، فلا يمتهنها بأي صورة من صور الامتهان، التي قد تأتي بصور يعتقد أنها يمكن أن تساهم في زيادة تعاطف المجتمع معهم، كتلك الآليات المتبعة في حث المجتمع على التبرع لهم، أو الآليات المتبعة في تقديم المساعدات لهم، وعليه فإن رعاية الأيتام يجب أن تحظى بنوع من الخصوصية والسرية، تبعد عنهم تلك الضغوط الاجتماعية غير المقصودة التي تمارس عليهم عبر وسائل الإعلام، ودور التربية وغيرها من الجهات ذات العلاقة.