تسهم المؤسسات والجمعيات الخيرية بجهد مشكور في مواجهة مشكلة الفقر، وتبذل جهودا مشكورة لتأمين الاحتياجات الأساسية للمستفيدين من خدماتها بحسب استطاعتها، ولكن وبسبب الضعف الإداري الذي تعاني منه الكثير من هذه الجمعيات بسبب النقص الواضح في مواردها البشرية والذي يجعلها عاجزة عن تحقيق أهدافها التنموية، فإن هذه الجمعيات تلجأ لتغطية هذا النقص إلى الاستعانة بالمتطوعين المؤقتين والذين يسهمون بجهد ملحوظ في دعم جهود هذه الجمعيات، إلا أن عدم تنظيم عملية التطوع ، وعدم تأهيل هؤلاء المتطوعين يحول أحياناً دون الإفادة التامة من هؤلاء المتطوعين، كما أن عدم وجود قواعد بيانات لهؤلاء المتطوعين يجعل عملية البحث عنهم شاقة ومكلفة، ورغم أن ثقافة العمل التطوعي موجودة لدى غالبية أفراد المجتمع لأنها مبدأ أصيل من مبادئ الدين الإسلامي، إلا أنها وللأسف غير مفعلة بشكل ايجابي، ولذا يغلب على الجهود التطوعية الموجودة بالمجتمع أنها جهود فردية مبعثرة وعشوائية، أما العمل التطوعي المنظم فهو وللأسف مغيب في مجتمعنا ومن أجل ذلك تزداد مسؤولية المؤسسات التربوية والإعلامية والاجتماعية في نشر ثقافة العمل التطوعي المؤسسي المنظم والذي غالبا ما تكون نتائجه ايجابية ومثمرة، وهذا يتطلب أيضا أن تتبنى وزارة الشؤون الاجتماعية إنشاء جمعيات متخصصة للتطوع تكون مسؤولة بالتنسيق والتعاون مع الجهات ذات العلاقة عن نشر ثقافة التطوع في المجتمع، وإعداد قواعد بيانات متكاملة عن الجمعيات والمؤسسات الخيرية واحتياجها من المتطوعين، وعن المتطوعين وأسماءهم وعناوينهم ومجالات عملهم والأوقات التي يمكن لهم التطوع فيها، وتكون حلقة وصل بين هذه الجمعيات والمؤسسات الخيرية وبين المتطوعين.
إن إنشاء مثل هذه الجمعيات المتخصصة على مستوى المملكة ودعمها ماديا ومعنويا أصبح ضرورة وطنية لا ينبغي التأخر فيها، وخاصة أن الحاجة إلى المتطوعين في هذه البلاد لا يقتصر على الجمعيات والمؤسسات الخيرية بل ويتجاوز ذلك إلى الكثير من المسؤوليات الوطنية التي تتطلب دعما من المتطوعين، والتي تشرف عليها مؤسسات حكومية كأعمال الحج، والدفاع المدني، والأعمال الطبية.. الخ، كما أن مثل هذا العمل من شأنه إتاحة الفرصة لأبناء هذا الوطن للمساهمة في خدمته ورد شيء من جميله عليهم، بالإضافة إلى ما يتضمنه من إشغال لشريحة الشباب واستثماراً لأوقاتهم وإكسابهم الخبرات والمعارف ومساهمتهم في البناء والتنمية.
ولعل في التجارب الموجودة على مستوى العالم ما يعين على إنشاء مثل هذه الجمعيات المتخصصة، بل ويؤمن لها الخبرات والتجارب التي من شأنها اختصار الطريق، ورفع جودة الأداء.